أربدك-Arbdk

احتفاء أطفال بـ”أفضل رئيسة وزراء” يثير جدلاً في الدنمارك

احتفاء أطفال بـ"أفضل رئيسة وزراء" يثير جدلاً في الدنمارك

فوجئ الدنماركيون، الأسبوع الماضي، بمشهد تلفزيوني لم يعتادوا عليه. فقد أثار توديع رئيسة الوزراء الدنماركية من “الحزب الاجتماعي الديمقراطي” (يسار وسط)، بهتاف موحد من أطفال صفوف التأهيل (يسمى الصف صفر، بعمر 6 سنوات وقبل الصف الأول) عن “أفضل رئيسة وزراء في الدنمارك” وتقديم وردة حمراء لها، سجالاً وغضباً على وسائل التواصل الاجتماعي شبّهه البعض بـ”العالم الثالث”. تلك الانتقادات العنيفة لمعلمين ومعلمات بتجهيز الصغار لحفلة وداع، في مدرسة ابتدائية في مدينة أُلبورغ، شمالي البلاد، فتحت نقاشاً لم يكن متوقعاً حول الديمقراطية، ما أدى بوسائل إعلام، كقناة “دي آر”، لفتح تحقيق بشأن ما جرى.

وكشف تحقيق برنامج “الكشاف” على “دي آر”، كيف جرى بترتيب من المعلمين تنظيم وقوف الصغار في صفوف طويلة يلوحون بالعلم الدنماركي ويهتفون “وداعاً ميتا فريدركسن.. رئيسة الوزراء الأفضل في الدنمارك”، وتقديم صبي لـ”وردة حمراء لوردة” أمام عدسات وسائل الإعلام المحلية، في واقعة شبهها معلقون بأنها “على الطريقة الصينية والكورية الشمالية”.

وانتهزت أحزاب سياسية برلمانية معارضة ما عرضته وسائل الإعلام عن “حفل الوداع” لصب غضبها على ما سمته “بروباغندا استغلالية من فريدركسن” و”تسييس متطرف ومؤسف لنظامنا التعليمي”، بحسب ما قال القيادي في “حزب الشعب الدنماركي” (يميني متشدد) بيتر سكوروب، ورئيسة حزب “البرجوازية الجديدة” بيرنيلا فيرموند.

وما أثار المزيد من السجال أن قناة “دي آر” في بثها، أمس الاثنين، كشفت بعض تفاصيل ما جرى في تلك المدرسة “فالأمر، بحسب المعلمين، كان منسقاً”. وكشفت المديرة ميريتا أوفرغورد، أن مدرستها تعلمت الدرس “ولو جاءت (رئيسة الوزراء) ميتا فريدركسن لزيارة مدرستنا غداً فلن يتكرر ما جرى”. والدرس الذي تعلمته المديرة، بحسب ما كشف عنه برنامج “الكشاف”، أنها “بنفسها سألت الصغار (بعمر 6 سنوات) عما إذا كانوا يرغبون بالغناء لرئيسة الوزراء بعد أن تنهي حديثها مع التلاميذ الأكبر منهم”.
وعللت مديرة المدرسة ما جرى بأنه “غناء اعتيادي ترحيباً بالزوار الذين يحضرون إلينا أسبوعياً من مواطنين ومن نزلاء مراكز رعاية كبار السن، لذا سألتهم بنفسي عما إذا كانوا يرغبون بالغناء لفريدركسن، وكانوا (الصغار) فخورين بذلك، وكل معلمي (صفوف صفر) تحدثوا مع الصغار عما سيجري وكيف”. ولكن المديرة، وبعد العاصفة التي تسببت بها طريقة استقبال وتوديع رئيسة وزراء البلاد، ترى أنّ الواقعة “عاصفة جرى تسييسها وكأننا نتحيز لحزب سياسي”.

ويعود غضب الأحزاب السياسية إلى ضرورة لزوم حيادية المؤسسات العامة في الدولة الدنماركية وعدم أخذ موقف مع أو ضد حزب أو سياسي، وذهابهم في تعليقاتهم نحو الحفاظ على هذه الحيادية. وأما المواطنون العاديون، ورغم ارتفاع شعبية فريدركسن في الاستطلاعات، بسبب تعاطيها “الجيد” مع جائحة كورونا، فذهبوا للاستهزاء بما حصل، ومقارنة بعضهم للحكومة بالديكتاتوريات، فيما اختار البعض الآخر الاستعانة بالشتائم وكلمات مثل: “الحمد لله أنني لم أكن في زمن تمجيد الحزب الحاكم.. وغسل الأدمغة لتأييد الاجتماعي الديمقراطي.. ما هذا بحق الجحيم؟”.

من ناحيته، ركز التلفزيون الدنماركي، وبعض الصحف اليومية، وبينها صحيفة “يولاندس بوستن”، على سؤال “منْ أعطى الأطفال الأوامر والكلمات التي ستقال، ومن قال للصبي قل “هذه وردة لوردة؟”. وسألت القناة الدنماركية المديرة: “هل تقولين إن فكرة الوردة جاءت من الأطفال؟”.
ولم يكن لدى هذه المديرة التي عاشت أوقاتاً عصيبة طيلة يومين من التركيز الإعلامي على ما جرى سوى القول “لا أعرف ما إذا كانت فكرة أحد الأطفال أو أنها فكرة جرت مناقشتها بشكل جماعي، ما أعرفه هو أنه جرت مناقشة الأمر مع الأطفال”. وفي الاتجاه ذاته لم تستطع المديرة الإجابة عن سؤال “من هو الذي اعتبر أنّ فريدركسن هي أفضل رئيسة وزراء؟”، سوى القول “أعتقد أنه كان قراراً جماعياً”.
وبدت أسئلة التلفزيون الدنماركي للمدرسة محرجة، وبالأخص عما إذا كانت المديرة قد سألت المعلمين عمن طرح فكرة هتاف “أفضل رئيسة وزراء”. فعبرت المديرة عن الأسف، بالقول “إن هذه القضية انتقلت إلى هذا المستوى من النقاش في الرأي العام والاتهام بأننا نفضل حزباً على آخر في مؤسستنا التعليمية”.
الأمر الآخر المحرج للمدرسة، بعد ظهور الصغار يهتفون لمن في السلطة السياسية، ووفقاً لما كشف التلفزيون الدنماركي، هو أنّ المدرسة “لم تحصل على إذن أولياء أمور التلاميذ للمشاركة”، معللةً ذلك على لسان مديرتها بأن “الأهل كانوا سعداء لمشاركة الأطفال قبل أن تصبح القضية قضية رأي عام، وربما يختلف الآن الأمر عند أولياء الأمور بعد مشاهدة إلى أين وصلت هذه القضية”.
وفي مقابل هذه الموجة، أبدى البعض الآخر موافقته على استقبال رئيسة الوزراء بهذه الطريقة، معتبرين أنه “لا يمكن إدارة الظهر لها”.

Related Articles

Back to top button